bc

جرائم لا يعاقب عليها القانون.. قصص بقلم مها المقداد

book_age16+
2
FOLLOW
1K
READ
drama
like
intro-logo
Blurb

مجموعة قصصية متنوعة واقعية تؤول جميعها إلى شرح الخصال والمواقف التي تعد جريمة نفسية ومعنويَّة ولا يعاقب مرتكبي تلك الجرائم قانونياً..

chap-preview
Free preview
جرائم لا يعاقب عليها القانون 1
جَرائمُ لا يُعاقب عَليها القانون -سلسلة قصصية نثرية من الرعب الواقعي والاجتماعي المُتفشي بيننا تلك الأيام- # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # القصة الأولى # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # (أسرار جيكاي- غموض وجرائم في مصر القديمة) # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # أناملٌ ترتجف وتهتز، تتعثر للغاية في حركتها، تعافرُ من أجلِ الثبات. كتابةٌ رمزيةٌ متلعثمة، بصعوبةِ يكاد كاتبها أن يقرؤها ريثما يفرغ من تدوينها؛ ربما يوجد ما يتسبب في توترها هكذا، أو أنها تخشى وقوع أمرٍ ما. أجواءٌ مريبةٌ تجعل براح هذا الكون الفسيح يضيق شيئًا فشيئًا في صدره. يكاد أن يتوقف الفؤاد فزغًا، أنفاسٌ مُتلاحقة، يحاول أن يستحضر قوته الكامنة كي يُهدئ من روعه - يسعى لتهدئة نفسه بنفسه؛ فثمة أشياء مُقلقة تأبى أن يحصل "جيكاي" على سلامه الداخلي وهدؤه النفسي؛ حتى السماء تُشعره بأنّ سمرةٌ أصابتها جراء احتضانها لشمسِ نهارٍ يتزامن سطوعها وإشراقها مع صيفٍ استوائيٍ حارٌ للغاية، رغم أنّ تلك الليلة التي يحياها تنتمي لأحد ليالِ الربيع المعتدلة؛ فقد تحولت زرقتها الصافية لسوادٍ حالك. الحوائطُ عابسةٌ بشقوقٍ لأول مرة يُلاحظها في غرفته التي يسكنها منذ اللحظات الأولى لولادته؛ وكأنه عاش عمرًا طويلًا يجهل واقعه ومن ثمّ يبدأ في التعرف على محيطه من جديد؛ حتى اللهب الضئيل الذي اعتاد إشعاله كل ليلة، بدا له كصورةٍ مُصغرةٍ لحريقٍ سيلتهم عاجله أم آجله الأخضر واليابس. كلُ شئٍ بدا باهتًا، مرعبًا، ومريبًا في نظره، وكأنها مؤامرة كونية قد أبرمت مُسبقًا للإطاحة به بعد استهلاك طاقته في انتظار وقوع البلاء المُحتم؛ إنه الفزغ الذي يُغير رؤيتنا للأشياء وحقيقتها. للأسف!. لم يخطئ حدس "جيكاي" فرائحة التربصِ لا تخطأها أنف الفريسة على الإطلاق؛ رغم ذلك لا يعرف ما الذي دفعه لأن يكتب لاسيما في تلك الحالة، وتلك اللحظات الملبدة بالذعر والهلع، كما أنه يدرك تمامًا أن ما يدونه من وصفاتٍ مفيدةٍ ونافعة، وبراءات مخترعات؛ هو ما يدفعهم للتربص به على الدوام، وهو أيضًا ما يحرك غرائزهم الوحشية والحاقدة للقضاء على ذوي الألباب والقيم. نعم؛ يدوّن ويعي تمامًا أنهم يتحينون الفرصة لسرقة كل ما يكتب إذا تكشّف لهم مكانه ثمّ الغدر به؛ بأن يقومون بقتله واغتياله بلا شفقة فور انتهاء المهمة. حفنةٌ من المجرمين إنهم هم، يظهرون عبر مختلفِ العصور؛ تستأجرهم مؤسساتٌ كبيرة ربما تكون تابعة لدولة حاقدة ترغب في سيادة العالم فحسب؛ لأجل التخلص بالقتل من كل عالمٍ أو مفكرٍ بإمكانه إنارة البشرية بعلمه ومنهاجه. وسوسةٌ باغتت جرأته؛ فقد داهمه شعورٌ يودُّ خيانته، يجعله ذلك الشعور المُختل يبتئس من كل شئ، لكنه قد تخلص منه سريعًا وتشجع على التدوين مرةً أخرى. ويحدث نفسه؛ قائلًا: "أمواتٌ أمواتٌ نحن في دار الفناء هذه، وليس بوسعهم سوى تنفيذ إرادة إله وخالق هذا الكون الغير متناهٍ". انصب تركيزه أخيرًا في أن يترك وراءه ما يستحق ذكره بعد موته، وألا يظل عالقًا في جحر مخاوفه،لم يعبأ أنه ربما لم يسعفه الزمن بأن يتمكن من كتابة تفاصيل أهم وصفة من بين تلك الوصفات؛ التي لم يتمكن أحد من التوصل إليها في العالم كله رغم مرور آلاف السنين!. شرع في التدوين، وهو يعي أنه من المحتمل أن يأتي من خلفهِ مَن يطيح برأسه؛ فتسيل دماؤه البريئة والطاهرة في الأرجاء، ملطخةٌ بردياته التي لا تقدر بثمن قبل أي شئ آخر من حوله. كانت عربات الهكسوس وصهيل خيولهم تجول في الأرجاء، تفتش عنه كي تنال منه، بلا يئس تعدو؛ لكن ليس بإمكانها تحديد موقعه بالضبط!. ينفتح الباب فجأة.. توقف قلب جيكاي لبرهة؛ ولكنه عاد لينبض مرة أخرى بمجرد أن تبصّر وأمعن النظر، فقد تحققت عيناه من رؤية الفاتح؛ إنها "شيمارا" منية الفؤاد ونبضه المتأجج حبًّا بالنسبة لجيكاي؛ والتي كانت تُبادله نفس الشعور أيضًا؛ ولكن على ما يبدو أنّ قصتيهما مقدر لها الهلاك القدري كباقِ قصص العشق المثالية التي لا يخطئ فيها المحبين في حق بعضهما البعض كما نعتاد. كانت شيمارا كثيرة الرؤى؛ فقد أيقظتها رؤية تنذر بسوءٍ ما سيقع لحبيبها، دخلت عليه لم تنتبه لطرق الباب حتى، تنفست الصعداء حينما رأته لازال حيٌّ يرزق أمامها، التزما كليهما الصمت العاجز عن التفوه والبوح بأي شئ، فقد أصبح جيكاي هدفٌ في يد مَن لا ييئس ولا يرحم إذا أصاب. تُزيغ بأعينها التي تملؤها الدمعات عن النظر إليه بمجرد جلوسها؛ وعندما تمالك نفسه هو وبادر بسؤالها عن سبب تصرفها المُفاجئ هذا، لم تُجبه إلا بعد تفكير وقرار عنيد لا رجعة فيه بألّا تخبره عن رؤياها؛ فهي تعي كم القلق والخوف الذي يستشعره تلك الأونة بالذات، كما أنّ قلبها المُحب يأبى تصديق ما اعتادت تصديق تأويله. قامت بلفِ ذراعيها حول خصره؛ بينما هو جالس على طاولته، أمامه الحبر السائل والذي يخيل له في بعض الأحيان أنه ما هو إلا دماؤه التي ستسيل مثله وتهدر في أي وقت، وكذلك التفت شيمارا برأسها على ظهره بعدما طوقته بذراعيها بقوة، طلبت منه أن يكمل ما يكتبه؛ فلطالما كان بداخل شيمارا فتاة مقاتلة محبة للعلم، وبإمكانها أن تدرك أنّ هناك درجات سامية للحب غير هذا الذي تكنه لجيكاي، كحبِ الوطن، والحب الأسمى على الإطلاق هو الحب الإنساني؛ الذي يجعل من كل شخصٍ فينا طاقة للخير ومحبة عموم الفائدة بصرف النظر عن الأعراق والانتماءات والأوطان. هي تدرك أنّ لا قيمة لحياتها بعد جيكاي، لذلك أقدمت فور استيقاظها من نومها إلى منزله؛ مقررةٌ أنها في حال إيجاده حي، لن تبرح الجلوس بجانبه أبدًا، وما يحدث له يجب أن يحدث لها قبله. صوتُ قهقهةٌ شريرة من ساحرةٍ تملؤ الكراهية والبغضاء قلبها، قابعةٌ خلف بلورتها السحرية تراقب ذلك المشهد المؤثر للغاية، فلم يمكنها حقدها وشرها من التأثر الطبيعي لذلك المشهد بأن تتعاطف معهما؛ فقد كانت قهقهتها بمثابة ضحكات ساخرة تتسبب في استمتاع لا يتمكن من فهمه أي إنسان يعي إنسانيته. حقيقة الأمر لقد استعان كبار قادة الهكسوس بتلك المرأة التي تشتهر بإتقان الممارسات السحرية والشعوذة؛ لأجل الكشف لهم عن موقع جيكاي، وبمجرد أن نطقت العجوزُ الشرير بمكان جيكاي بعدما رأته في بلورتها الملعونة هذه، توجهوا على الفور لصرعه في داره. فحيحُ الشر صوته يعلو بالقرب من العاشقينِ الصادقينِ، المترابطين والمتعاهدين على الخير والشر والسراء والضراء معًا، يدنو شيئًا فشيئًا؛ رغم أنّ لا رباط مقدس قد جمع بينهما بعد، ويعلو الحس أكثر فأكثر بدنوِ أرجل عرباتهم وعادياتهم التي ضربت بأقدامها الباب فأسقطته بركلةٍ واحدة بإمكانها الإيقاع بقلبِ كل مَن يشاهد أو يحضر تلك اللقطة الواهية. كانا "جيكاي وشيمارا" صادقين بما يكفي لأن تأتي قوى خفية متوهجة، تحيطهما وتظل في الإشعاع إلى أن تتلاشى ويتلاشا معها الاثنان بشكلٍ مفاجئ، فلن يتستطيع مدقق النظر والمتمعن فيه وقت حدوثه من تفسيره؛ حتى بعدما يهدأ من هول الصدمة إلى أن ينقضي نحبه؛ حقًّا هكذا هي المعجزات!. نعم؛ ربما كانا العاشقان "جيكاي وشيمارا" محظوظيْن للغاية، فكم من فؤادٍ قد تهشم إثر فقد حبيب من نوعية جيكاي؛ ولكننا لسنا كذلك فلم نكن بمحظوظِين البتة؛ فمن المؤسف إخباركم بأنّ جيكاي وشيمارا قد اختفيا وبحوذتهما (سر التحنيط)، وربما اختفى معهما أيضًا سر (طاقية الإخفاء)! # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # إطلالة بالأبيض # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # تطل بالأبيض، صديقاتها يلتفتن حولها كإكليل زهورٍ جميل، مشهدٌ تترقرق له الدمعات الصادقة في الأعين من شدة التأثر والفرح. تتشابك الأيدي، يبدءا معًا رقصة البداية، بداية جديدة لحياة زوجية سعيدة، تخجل من أنْ تنظر لعينيه، يدنو منها مُحاولًا كسر ذلك الحاجز، يهمس بأذنيها ليخبرها كم أنها جميلة للغاية اليوم، ولا أجمل منها قد رأت عينيه من قبل!. أغنيات البهجة، تتراقص على أنغامها القلوب ليست الأجساد فحسب، سعادة لا توصف، وفجأة توقظها دمعة، يسري إثرها فيض من الدموع، وكأنَّ دمعات عينيها تتسابق فيما بينها على مَن ستنهمر أسرع وأولًا؛ نعم!. لقد تذكرت ذلك المُتخاذل الذي لطالما سعى القرب منها، ولم يتقِ الله في قلب عذراء. لم تكن لأية مشاعر أن تُداهمها وتقيم في قلبها الآمن؛ دون تدخله في حياتها وإلحاحه، فقد تعلمت على يديه الحب، وحينما سقط من نظرها هذا المُعلم، وأثبت بجدارة تناقضه مع كل ما قد درسه لها؛ أدركت أنَّ هذه الإطلالة ما هي إلا مجرد تخيل نسجته هي؛ ليُخفف عنها قسوة فعلته، وواقعها المؤلم للغاية؛ فقد استكثر عليها عيش تلك اللحظة على أرض الواقع؛ فكم أشعرها أنَّها أقل من مثيلاتها، فما أسوأ خيبة الظن!. تلك الأونة كانت جالسة في مكان يُشبه المَشفى، لطالما كانت تشكو من ألمٍ لا ينفك عنها أبدًا، منذ فترة وهي تُعاني، ترجمت نفسيتها المُعاناة إلى مرضٍ عضوي، وبينما كانت تنتظر نتيجة الفحوصات. تلتفت نحو المدخل، فقد استشعر قلبها طيفه؛ لم يُخطئ حدسها؛ لقد كان هو بالفعل، تبدو على ملامحه الحسرة والندم، ينظر إليها بلهفة مُغلفة بأمارات رجاءه الغفران وطلب العفو؛ بينما الطبيب ممسكًا بيده النتائج، تظهر على وجهه علامات التأثر المُفعمة بالحزن والتردد، والحيرة. فبينما تخاذل ذلك الشاب ونكث عهده معها، لم يتردد المرض الخبيث الاقتران والارتباط بها!. وبما قد يفيد الندم بعد أن يكون الأوان قد فات!.. # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # جيران أم أمجد # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # ثمة رائحة عفنة للغاية، لا نعرف مصدرها؛ هيا بنا نفتش هنا وهناك عن مصدر تلك الرائحة الكريهة. - هل وجدت شيئًا في تلك الجهة؟! فجأة، يعلو صوت أحدهم؛ قائلًا: - يا جماعة!.. هلموا نحو تلك الشقة التي تقطن بها الحاجة (أم أمجد)؛ فالرائحة تبلغ منتهاها بالدنو منها. ينهالوا بالدق على باب الشقة؛ لا أحد يستجيب بالرد أو الفتح. وكردِ فعلٍ طبيعي، قاموا بكسر الباب، ومن ثمَّ الدخول؛ إنها الحاجة (أم أمجد) جثتها مُلقاة على الأرض، وجاء تقرير الطبيب أنها قد توفت منذ أسبوعين.. بينما كانت تقف تلك الجارة القاطنة في الشقة المُقابلة لشقة الحاجة، وإذا بها تتفوه؛ قائلة: رغم أنَّ الحاجة (أم أمجد) كانت تطل يوميًّا من النافذة وحينما تراني تسلم عليّ؛ إلا أنني بالفعل لم أرها منذ أسبوعين! # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # الأمومة كما لو لمْ تعرفونها من قبل # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # إذا بتلك المرأة المُكبلة بالأغلال تهل وسط ذلك الجمع الغفير، أُلاحقها بنظرات التعجب والدهشة؛ فذلك المكان لا يتجول فيه السُجناء والأسرى على الإطلاق، اعتراني الفضول ذلك الطبع الذي لم أعهده في نفسي من قبل؛ فلطالما كان عدم الاكتراث سبيلي أثناء السير؛ فللطريق عوراته. رُغمًا عني تتبعت أنظاري سلسلة ذلك القيد، لترى ما في آخره، وتوقعت أنني سأرى في نهايتها حيوانها الأليف؛ والذي سيكون في الغالب كلبها، فكانت الصدمة هي وليدة ذلك الموقف؛ حيث كان القيد مُتصلًا بطفلتها لا كلبتها. لم أتخيل أنني حينما أسير مع طفلي أو طفلتي، سأسحبهما كما لو كانا لا ينتميا للجنس البشري، أيًّا كان سنهما ودرجة جهلهما في هذه الحياة، أيَّا كانت عدائيتهما وقلة تأدبهما، فالطفل ينشأ بحسب ما تربى. سأسير بطفلاي ممسكةٌ بأيديهما، سأعطيهما ثقةٌ كبيرةٌ في نفسيهما، وأجعلهما يعتادا تلك الأماكن، هما امتدادي وسندي في الكِبر، هما جزء من مستقبل هذا المجتمع، لست خالدة في تلك الحياة؛ كيف لي أن أتركهما وكانا ليسا مؤهليَّن للتعامل. لن أتركهما حبيسين في المنزل، لن أقيدهما أثناء التجول؛ سأفخر دائمًا وأبدًا؛ ولي أن أفخر بأمومتي وهبة الله لي. أتعرفون مَن نحن!... أنا يا سادة؛ أمٌ ثكلى تشتعل نيران الفقد في أحشاءها، وأنا امرأةٌ عاقرٌ هجرني زوجي لأنني ابتليتُ بالعقم، تُعذبني نظراتهم وتُكويني وحدتي، أما عني أنا؛ فأنا تلك الفتاة التي سكنت قلبها الأمومة قبل أن تتزوج، ولكننا جميعًا ندرك وبإمكاننا أن نعطي ما فقدناه جيدًا.. # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # جريمة بلا رادع # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # ذاب الكلام في الصمت، مات وشُيعت جِنازته صباح ذاك اليوم، الذي لا تدرك متى كان بالضبط، وكيف مرَّ هكذا مرور الكِرام، كيف لها أن تدع الفرصة لوقوع تلك الجريمة النكراء منذ الوهلة الأولى. كان استغلال العامل الزمني سيشكل لها فارقًا كبيرًا في ردعه؛ فلطالما كان حديثه يقودها للصمت على الدوام، الصمت المُعذب، يُخرس لسانها؛ حيث تبدأ جريمة القهر؛ والتي كان يتقن ممارستها مع كل مَن يتعامل معهم، بخنق الكلمات بسلسلةٍ قصيرةٍ وغليظة، صنعت حلقاتها من معدن الجُمل القاسية واللاذعة، يُشدد بها الخِناق ومن ثمَّ تتحشرج إلى أنْ تتلاشى وتلفظ أنفاسها الأخيرة.. لطالما كان بارعًا للغاية في ضرب عباراتها في مقتل! # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # عزفٌ كاذب # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # عَزف على العود، فأُثيرت شجون، كما لو أنَّ العزف كان على أوتار قلبها، تداخلت مع عزفه نغمات البيانو وأصوات من آلاتٍ أخرى؛ ليشكلوا معًا مقطوعة موسيقية من أجمل ما يمكن. تحركت بداخلها مشاعر مُختلطة وغير مفهومة؛ فقد تراقصت على أوردته ثنائي عجيب للغاية؛ هما: الفرحة والحزن، لا تعي كيف تصالح هذان الاثنان، كيف لهما أن يجتمعا في آنٍ واحد؛ رغم التضاد الواضح بينهما، ورغم أنَّ الاختلاف كاختلاف الليل والنهار. لا سبيل للتعجب؛ قُضي الأمر واجتمعا بداخلها، وليست لها إرادة في ذلك. ففي الحب نفرح ومع بداية إيجاده نسعد، وحينما تُداهمنا مشاعر الاشتياق والرغبةَ في القرب؛ تأتِ الأحزان مباغتة لتلك الفرحةِ العارمة؛ لتهدئ وتحبط من قدر السعادة في قلوب المُحبين، ومن ثمَّ يتم الحَجْر على القلب؛ حيث ثُبتت عدم أهليته للفصل في تلك الأمور، وتُحال القضية للعقل. وطبقًا لما نصت عليه اللوائح والقوانين؛ فله حرية البت فيها دون أن يحق للفؤاد أن يعترض على أيٍّ من القرارات التي سوف يُصدرها، ويستوجب تنفيذها حتى لو كلفه الأمر أن يتهشم؛ فكان الفارق بينهما يتمثل في رؤية ومنظور الحب لدى كل منهما؛ فهو يراه مجرد إحساس ورغبة، يود إشباعها بأية طريقة، لا اعتبار لحلالٍ أو حرام، أما هي كان بالنسبة لها التزام، اهتمام وأفعال؛ وشتان!.. كدوامةٍ في بحرٍ لا يهدأ كانت هي، كانت ما لا نهاية لكل شئ؛ فلا سبيل لعودة من أدخلها حياته، ولا شفاء للقلب من حبها، ورغم كل ذلك لم تشفع لها مميزاتها، فقد كان من النوعية التي اعتادت على رؤية الأشياء الرثة، وشراء الرخيص، والمذاقات السيئة؛ فكيف له أن يُقدر كل ما له جودة. باختصار؛ ملها لأنها كانت لا تترك للخطيئة مدخلًا، ولا محرم مُباح حتى لو كان بـ اسم الحب مرتكب. فهل تعلم؛ أنه يصعب على شباب بلادي تصديق أنَّ هناك فتاة لم تخلق لتسليتهم!.. # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # انتقام المَرفوض # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # بعدما أذيع لقاؤها على الهواء مباشرةً، وقد عادت لمنزلها منهكةٌ للغاية، قررت أن تخلد للنوم قليلًا، وإذا بجرس الهاتف يدق؛ فقد خصص لها مُكالمة هاتفية، ضحى بوقته الثمين من أجل انتقادها، بدأها بتشجيع من نوع خاص؛ حيث أخبرها بأنَّ حضورها كان باهت وغير أنيق بالمرة، وفوه نفسه عن جميع المشاهدين؛ وقال بأنَّ لا أحد كان مُتقبل ظهورها هذا، ولم تحبها آلات التصوير على الإطلاق، فضلًا عن أنَّ عباراتها كانت تنم عن جهلٍ كبير. وأخبرها كذلك بأنَّ عليها أن تأخذ رأيه في الاعتبار، لأنه شخص ذو عين ناقدة ومشهود له بالصراحة البالغة - هكذا قال عن شخصه المُتواضع، وليس عليها باختصار سوى أن تُحقق له هدفه وتفقد ثقتها بنفسها. أنصتت إليه جيدًا، كالعادة ليس عليها سوى أن تحترم رأيه أيًّا كان، فقد أسكتها رُقيها عن مجرد الرد حتى؛ فقد كان شخص فظ للغاية لا يعِ فن الجدل وآدابه، كما أنه لم يُحقق ما يستحق القول به والإخبار عنه في حياته. قد أراحت رأسها من الدخول في مهاترات وجدلٍ عقيم، لا يُسمن ولا يُغني من جوع، وهي لا تعرف ماذا عليها أن تفعل أو أن تشعر حتى، لا تدرِ هل عليها البُكاء أم الصمت أم الصراخ بعدما أغلقت معه الهاتف، أفقدتها تلك المُكالمة الغريبة إدراكها لحقيقة شعورها حتى، الذهول هو ما كان يعتلي وجهها. مرت أقل من نصف الساعة؛ يرن هاتفها من جديد، وضعت يدها على قلبها تلك المرة، هل هذا توبيخٌ آخر، فإذا بشخصٍ رقيقٍ للغاية، يخبرها بعكس ما سلف ذكره وصدوره من الشخص الذي هاتفها في المرة السابقة، بدا إليها الأمران مُحيران للغاية؛ فالأول كان قد تقدم لخِطبتها من قبل ورفضته بشدة؛ أما عن الثاني فهو شخص يُحاول التودد إليها وكسب قلبها، ومعروف عنه أسلوب المُجاملة الزائد، وحبه للمظاهر ليس الجوهر. حقيقة الأمر أنها لم تحب أن تظلم نفسها بين رأي هذا وذاك؛ فكلما أحبت أن تعرف رأي الآخرين عن كل ما تقدمه بصدق، تذهب دائمًا لعرضه على الكبار في علمهم وثقافتهم، مَن هم مشهود لهم بنزاهة آراهم. عن هؤلاء الذين يتعرضون للرفض، ومواطن العلل واضحة، ولم يتعمد أحد إهانتهم، واحتفاظنا بمثالبهم، أسرناها في أنفسنا، فرفضنا وجودهم في حياتنا برقي بالغ؛ وبدلًا من تحسين ذاتهم، فإنهم لا ينفكون يقللون هنا وهناك من شأن مَن رفضهم، لا احترام للحريات والرغبات في منطقهم الخاص؛ وعن هؤلاء الذين يهرولون وراء المظاهر، لا احترام ولا تقدير للجوهر.. # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # وراء الشاشة # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # في الحقيقة إن كنت تبحث عنه؛ فإنك لن تتكبد العناء لإيجاده، ستجده بمنتهى السهولة، دائمًا ما يقبع خلف تلك الشاشة، جالسًا على نفس الكرسي، لا يتحرك إلا للشديد القوي. الصدمة الحضارية قد نالت منه، وأخذته في غيبوبة لا ندري متى سيفيق منها بعد، وكلما توجهت إليه إحداهن بالسؤال عمَّا إذا كان متزوجًا أم لا، كانت إجابته دومًا بالنفي؛ رغم أنَّ زواجه قد انعقد منذ زمن ومرت عليه عشرات السنين، ورغم إنجابه الكثير من الأبناء والذين قد فاقوه طولًا، وقد تجد منهم مَن فاقه نضجًا أيضًا، والأسوأ على الإطلاق رغم وجود زوجته أمام عينيه وهو يُجاوب على سؤالهن. وقع في بئر ليس له نهاية، انفصل عن واقعه، فخرَّ سقف منزله وتداعى، وقد أصبح مؤهلًا للسقوط فوق رؤوس كل فردٍ من أفراد أسرته؛ هو الآن زوج خائن وهميًّا، يبحث عن هوى تخيلي، يشبع رغباته باللاشئ، كجائعٍ سدَّ جوعه بفاتح للشهية. بإمكاننا القول؛ أنَّ الوضع الآن قد أصبح عادلًا، فلكل ساقٍ نصيب مما سقى؛ فهو زوج خائن، دفع زوجته للخيانة، وأبناءه للتسيب، وقد حاكاه الكثير في إيجاد الحب لاسلكيًّا؛ ومن ثمَّ أصبح الكل سواء، لا نعيبه والعيب قد طالنا، وليس لنا أن نحزن إذا وصفوا مجتمعنا بالأجوف.. # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # مسروقات من نوع آخر # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # ينتظرهم بعد أن يتموا أي عمل ويكملوا ترتيباتهم، وما أن يصبح كل شيءٍ جاهزٍ وعلى أهبة الاستعداد، يظهر بكل وقاحة في الصورة ناسبًا إليه كل مجهوداتهم المبذولة في ذلك العمل. كان يحيا على ذلك الأسلوب، يتغذى على كد الآخرين، الناس بالنسبة له محطات، لا مجال للعلاقات الإنسانية التي لا مقابل لها، لا يعِ ماهية المحبة الخالصة؛ كالأخوة والصداقة، الكل في نظره مجرد سُلم يتسلق عليه حتى يبلغ ما يتمناه. كلهم يتفاخرون بمعرفته أول مرة، ويتبارون فيما بينهم على الفوز بمودته، ولكن حبه كان الحنظل بعينه؛ فما أن ينفذ له أحدهم ما يريده، تصبح معرفته غير مُجدية، يتجاهله شيئًا فشيئًا إلى أن يجد مَن يُحقق له مصالح أكبر؛ فيكون حينذاك هو المُختار، والأكثر جدارة بأن يكون على مقربةٍ منه. الوصولية، التملق، والتسلق... جرائم لا يُعاقب عليها القانون، فكم يصعب إدانة مُرتكبيها... كم من مجهودٍ ضاع، وكم من حلمٍ تدمر، بسبب تلك الخصال الذميمة، ولكن هناك مَن يهوى تمجيد تلك النوعية التي انعدمت في قلوبها الإنسانية، واستحلت مجهود وتعب غيرها، لذا فإنني لا أجد عقوبة أفضل لهواة وعبيد الذل هؤلاء؛ سوى البقاء قرب مَن يمجدوهم. # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # #

editor-pick
Dreame-Editor's pick

bc

رواية ادم.. لـ زينب سمير

read
1K
bc

عشق صقر الصعيد

read
2.1K
bc

عشق تحدى الصعاب

read
1K
bc

نور الصعيد

read
1K
bc

( عشق العاصم )

read
1K
bc

رجل المهام الصعبة.. للكاتبة/ندى محسن ♕Noody♕

read
1K
bc

نورٌ على نور

read
1K

Scan code to download app

download_iosApp Store
google icon
Google Play
Facebook