الفصل الثالث (فيتو)

2105 Words
الحكاية الثانية.. ڤيتو "vito" -كل ما هو مرفوض في الحب والعلاقات في مصر وبلاد العرب- تم تأليفها في أغسطس 2017م # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # كما نعرف ونعي تمامًا؛ أنَّ الحب والقبول لا يعرفا من أين أنت، لا يعرفا شكلًا ولا لونًا ولا عرقًا، لا يعرفا سوى ذلك الإحساس، وذلك الشعور الذي يجتاح قلوب المحبين بدون موعد أو إشارة أو سابق إنذار. ولأنني أكره وأبغض الملل، وأكره التفكير بنفس الطريقة لحل مشكلة لازالت قائمة، ويُعاني منها أغلبنا، لن أتحدث عن الحب بالشكل الوردي أو الخيالي المعهود، والذي نسجنا أغلبه من وحي خيالنا، أو بمعنى أدق سنعود معًا لأرض الواقع؛ فمن الواضح أننا لم ندرك بمرور الزمن أنَّ حب الروايات، قد أصبح معظمه لا يمت لواقعنا بصلة، فلطالما عشنا فيه، وكم رسمنا لأنفسنا أحباء مثاليين شكلًا وموضوعًا، وكذلك نحب وندخل في علاقات لا نضج فيها، بحجة أننا نسعى لعلاقة تُرضِ الناس وتكفينا شر ألسنتهم. ويصبح تفكيرنا منصبًا على العثور على شريك الحياة المثالي، كما كنا نفكر في سن المراهقة، والذي لا ينفض رغم تقدمنا في العمر، فكم من وقت ضيعناه على أوهام، ولم يتجرأ أغلبنا على طرح سبب فشلنا الكبير في الحب هذه الأيام، ولم نبذل جهدًا لإصلاح علاقاتنا في الواقع المُعاش، فكل محب يرى أن اختياره كان تأقلمًا مع الواقع، وإنه قد رضي بنصف حب، وأنه قد تنازل وجاء على نفسه، وكبت طموحاته وأمانيه، فصرنا كأهل الكهف قد نمنا، وذهبنا في سُبات، في زمن الحب والفن الجميل، وفجأة استيقظنا في عصر السرعة، والحب سريع العطب . وقد اخترتُ البدء بالعنصرية والتنمر؛ فللعنصرية أثر كبير وبالغ في فشل أغلب علاقاتنا العاطفية، وتحطمها مهما طال عمرها؛ والدليل أنَّ أغلب الرجال يشترطوا الجمال الشكلي للوقوع في الحب؛ فيجعلون منه شرطًا أساسيًا وأوليًا؛ فبمجرد أن تتعرض زوجاتهم لحادثٍ أو مرضٍ ما، قد يُؤثر على جمالهن، يبحثون عن غيرهن بكل بساطة، وكذلك إذا تقدمن في العمر، وسلبهن الزمان بريقهن وجمالهن مع مرور الوقت؛ فإنهم أيضًا يبحثون ويتزوجون من غيرهن تجديدًا لشبابهم؛ وتمتعًا بالجمال الذي لطالما لهثوا وراءه فحسب؛ فلا تهمهم زوجاتهم اللائي عاشروهم لعدة سنوات، لا يأبهون للذكريات حتى، كل ذلك ترسخ بسبب موروثات وعادات وتقاليد بالية ولطالما وضع المجتمع قيود وعادات لا تمت للمنطق بِصلة؛ لاسيما مع تراجع المستوى التعليمي والثقافي، وكما ذكر العلامة الدكتور"مصطفى محمود " أننا نخشى العيب أكثر من الحرام، وبمعنى آخر نخشى كلام الناس أكثر من رب الناس؛ فهناك عادات قد تم تعميمها، ولم يتم التغيير فيها من أجل التيسير، ومواكبة ظروف كل عصر؛ فإننا حتمًا قد خلقنا لزمن غير الذي خلق فيه آباءنا وأجدادنا . فنجد مجتمعاتنا بعاداتها وتقاليدها البالية، تارة تُضعف موقف الرجل في الحب، فهنالك من النساء والفتيات مَن تحررن، لدرجة يظلمن فيها مَن يرغب أن يتزوج من إحداهن، وعلى النقيض نجدها في أغلب الأحوال تُضعف موقف المرأة في الحب، نظرًا لأن أغلب المجتمعات العربية ذكورية، بالرغم من قوله تعالى: "أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أوأنثى بعضكم من بعض "صدق الله العظيم. دومًا البحث عن الجوهر هو الفارق، ولكن مَن يعي هذا الكلام في مجتمع يحترم المظاهر، يُقدر الحذاء الغالي على الشخصية التي تستحق التقدير رغم فقر الإمكانيات المادية!. فلن أتحدث اليوم يا سادة عن الحب الذي لطالما اقتصرناه على أناس محددين - بحسب المتعارف عليه، أناس ذوي إمكانيات شكلية ومادية معينة، دعونا من حب الأفلام لاسيما الأفلام الهندية والتركية المنتشرة العرض هذه الأيام، والمقاييس التي يضعوها لاختيار البطل والبطلة، والتي لا تناسب واقعنا المُعاش. دعونا من فكرة العاشقين اللذين يتمتعا بجسدين لائقين، وملامح ينطبق عليها معايير ومواصفات الجمال العالمي، ذلك الحب الذي يكون أشبه بالشغف والرغبة الشهوانية ليس إلا، وكأننا نرغب في تمثيل وتصوير فيلم إباحي لا إنشاء علاقات سليمة، ونجد أنفسنا قد ابتعادنا عن القيمة الحقيقية للحب بإيجاد كل منّا لتؤام روحه ورفيق دربه، ونجد أننا قد شوهنا مفهوم الحب الحقيقي، واستبدلناه بذلك الحب الرخيص الساخط على الخلقة، الغير متأدبًا مع الخالق. علنا نرتقي ولعل علاقاتنا يسودها التكامل وتقل معدلات الخيانة، ومن ثمّ ينتج لدينا أسر مستقرة نفسيًا تسعى نحو مستقبل أفضل دومًا، فما فائدة الحب الذي يعرض أحدهم للألم والسخط؛ فالحب الحقيقي يملأ القلوب ويجعلها حتى وإن كانت قاسية تلين، وتصبح نابضة بحب الخير والتطلع نحو الأفضل. ولأن لكل منّا مأساته؛ سنحاول عرض العديد من قصص الحب التي تتعرض للفشل والمشكلات أحيانًا، تحت طائلة العادات والتقاليد التي لا تمت للدين والمنطق بصلة، لا نفع فيها بل على النقيض؛ فإنها تضر بعلاقاتنا كثيرًا، فما أصعب العيش بقلب مكسور حزين. وبينما أسير في الطرقات والدروب، قابلت العديد من الوجوه الشاحبة المنكسرة واليائسة، وكأن لا حب في هذه الحياة ينير الوجوه، تُرى ما الذي جعل الكثيرين يكفرون بالحب!. حتمًا لم نصل لتلك الحالة من فراغ، فكيف لقلوبنا أن تعمم السلام، وترتقي والحب فيها منعدم! فحب الزوجين ينعكس بالإيجاب على نفسية الصغار وكذلك أهليهما، وفقديهما إياه يؤثر بالسلب حتمًا فانعدام الحب يجعل الحياة الزوجية أشبه بالجحيم؛ حيث تكثر الشكوى ومن ثمّ تفسد العلاقات. والحقيقة عندما شرعت في الكتابة، كنت أظن أنَّ الحبر قد جف، ولم يعد عقلي قادرًا على تصور أي حدث لروايته، واكتشفت أنَّ المسألة ليست متوقفة على المُخيلة والتصوير، فما أكثر أن نروي قصصًا يكللها الخيال الوردي؛ فوجدت من الواقع مادة تحتاج لرواية صادقة؛ حيث يعجز الكثيرون ممَن لا يمتلكون الجرأة على إثارتها، رغم أنها تستحق أن تناقش وتطرح بوضوح، فكم عانينا من مشكلات كبيرة، خجلًا من التطرق إليها، وخوفًا من مواجهة أنفسنا بها، فقد ساد عصرنا سمة تزييف الحقائق، حتى البخيل يُغلف نفسه بالكرم، واللئيم المُنافق يَدعي أن سبب عذابه في هذه الحياة؛ هو طيبته وصراحته الزائدتين. وكمثال؛ أتذكر ذلك الموقف العابر والبسيط، حينما كنت ارتاد المواصلات العامة ذات مرة، تلك المواصلات كما نعلم موطن للطرائف والمواقف العجيبة في كثير من الأحيان، أتذكر منها ذلك الموقف وتلك المرأة التي صعدت إلى نفس الحافلة؛ التي كنت أرتادها، وكانت معها ابنتيها الصغيرتين وحقائب كثيرة وتحتاج لمتسع لوضعها، فجلست على المقعد الذي يجلس عليه فردين فقط، فسيطرت على أغلبه، وتركت الجزء الضئيل لي لأجلس فيه، وكان الطريق طويلًا جدًا فضلًا عن الزحام، فلم يكن جلوسي هذا مريحًا بالمرة، وكنت لأتحمل وأراعي مُحاولةً أن ألتمس لها عذرًا، فربما تكون غير قادرة على دفع ثمن تذكرتين لها ولابنتيها، ولكن ما آثار استفزازي عندما ركزت وأمعنت النظر بعض الشئ، وجدت أنّ هذه المرأة ترتدي أفخم الملابس هي وابنتاها، كما أنها لم تخجل لعدم راحتي، ولم تعتذر حتى، واستغلت عدم شكواي رغم أنه من حقي أن أتذمر، فكلما سنحت لها الفرصة استحوذت على مكان أكبر في المقعد، وازداد غيظي منهن وتفاقم؛ بل بلغ ذروته، خاصةً حينما نادتها إحدى ابنتيها بكلمة" مامي" كالأعيان بدلًا من" أمي أو ماما "كما نقولها نحن . حقيقة الأمر لا أعي حتى الآن لما البُخل في هذه التوافه طالما امتلكنا الإمكانيات، وإن التمست لها العذر ماديًا، فلمّا تعيش في دورًا غير دورها، ولما أصبحت الأغلبية هكذا يستغلون من يرأف بحالتهم، لما نكذب ونصدق كذبتنا! . هذا ما سنتطرق بإذن الله لطرحه من خلال هذه الرواية القصيرة أو الأقصوصة الطويلة المتواضعة؛ وسنحاول وضع حلول ونهايات سعيدة تلائم الواقع بقدر الإمكان، فأكثر ما يستفزني كقارئة قبل أن أكون كاتبة، أن أقرأ عن مشكلة أو موقف مُعقد، ولا أجد حلًا قاطعًا؛ حتى وإن كان تقديم الحلول سيخل بالبناء الأدبي للقصة أو الرواية. فما قيمة الكاتب والمفكر إذ لم يساند مجتمعه، وينقل له خبرته من أجل حياة أفضل، وبالطبع ذلك لا يعني أنه ليس من حق القارئ أن يقوم بإعمال عقله؛ فإنني أدعو من منبري هذا، كل شخص أن يقوم ببرمجة أي حل يقرؤه - إن وجدت بالطبع قصة أو موقف يشبه ما يمر به من أحداث في واقعه، بشكل يناسب حياته وظروفه، وقد تكون الحلول التي سيتم طرحها غير كافية أو ناقصة، فلا غضاضة من إضافة حلول جديدة، فالكمال لله وحده، ونحن بشر نتكامل ببعضنا البعض. والله الموفق والمستعان # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # مدخل # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # تدور الأحداث داخل حي بسيط يضم فئة كبيرة من أبناء الطبقة المتوسطة، والذين تعرضوا للاضطهاد في الحب، وذلك بسبب اعتراضات ناجمة عن عادات تقاليد وأفكار مجتمعية متخلفة سائدة، وأغلب أهله على قدر معقول من التعليم والثقافة للأسف . # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # وأثناء رحلتنا في هذه الحياة، نمر بالعديد من التجارب كل منّا على حسب عقليته ومساعيه وتطلعاته، وتستوقفنا أيضًا مواقف ومشاهد عدة، سواء تحدث لنا أو لغيرنا، وقد تكون تلك المشاهد تستحق التأمل والسرد حقًا. يُرفع الستار تبدأ روايتنا بإطلالة الجارة العزيزة - أم فاروق- التي يُقدرها أهل الحي بدرجة لا توصف، لدرجة أنها أصبحت لديهم بمثابة الشئ الذي زاد عن حده فانقلب ضده، فتلك الجارة العزيزة لا تترك فرصة لا تتطفل فيها على جيرانها، تسألهم ذهابًا وإيابًا، وهم يقنعون أنفسهم أنها تسأل من باب الطمأنينة ليس إلا؛ حتى يستطيعوا التعايش دون ضجر، أو سخط على تطفلها وتلصصها هذا!. وبينما كانت العزيزة أم فاروق تُنادي على جارتها - أم حسين -تلك الجارة التي تُسايرها لساعات طويلة، وتجاريها وتشاركها في سمة حُب الاستطلاع، ومعرفة أهم الأخبار وبشكل حصري قبل أي شخص قاطن معهما في نفس الحي، وحب الدراية بخبايا الآخرين وأسرارهم، فكانت أم حسين بمثابة تؤامة لأم فاروق في الطباع؛ فردَّت أم حسين نداء جارتها ورفيقتها الغالية على الفور. وليبدءا معًا أمسية النميمة المعتادة والمحببة إلى قلبيهما، تلك الأمسية التي يحاول أهل الحي التغافل عنها رغم خطورتها، وما يترتب عليها من آثار، لما فيها من أخبار حساسة عن الحي وأهله، أخبار لو أُذيعت لكان آثارها على الحي أشد فتكًا من هيروشيما، وأبلغ ضررًا من تسونامي . فقد كان الأستاذ يحيى يجلس على المقهى المقابل لبيت العزيزة أم فاروق، كالعادة تجده شاردًا سارحًا في خياله مُبحرًا بين ذكرياته، وصوت أم كلثوم الصادر من المذياع تشدو أغنية الأطلال، ومع الأطلال تطل ذكريات الألم الجميل، تنبش ما بداخله من أحلام وردية ماتت ودفنت في قبر حبه القديم الجديد. يَـا فُؤَادِي لَا تَسَلْ أَيْنَ ٱلْهَوَى ... كَانَ صَرْحًا مِنْ خَيَالٍ فَهَوَى اِسْقِنِي وَٱشْرَبْ عَلَى أَطْلَالِهِ ... وَٱرْوِ عَنِّي طَالَمَا ٱلدَّمْعُ رَوَى كَيْفَ ذَاكَ ٱلْحُبُّ أَمْسَى خَبَرًا ... وَحَدِيثًا مِنْ أَحَادِيثِ ٱلْجَوَى # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # ذكرى الألم الجميل.. # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # وكأن الظروف قد احتشدت وتجمعت من أجل تذكير الأستاذ يحيى، فليس لديه ذكرى أجمل من - سميرة - حبيبته سمراء النيل، تلك الفتاة السودانية الأصل التي كانت تجمع بين الملامح العربية والسمرة النيلية الأصيلة النيرة . فكانت عيناها كعيون المها، وحاباها الله أنفًا صغيرًا دقيقًا، يُضاهي الأنف الروماني – سبحان الله – وتمتلك كذلك فيهًا وقوامًا، يبلغا من الدقة ما لم تستطع عمليات التجميل نحته، رغم ما بلغناه من تقدم في عصرنا الحالي، فقد كانت سميرة زميلة للأستاذ يحيى بالجامعة، وبصرف النظر عن مثالية خلقتها؛ فكانت هي أول من علمته الحب، وآثارت فيه روح المرح، والحب العفوي الطفولي البرئ. فقد كان حبهما دومًا خطوة للأمام، وقد بلغ بهما الحب العذري والاشتياق المجرد من الشهوة؛ أنها كانت حين تلقاه تعانقنه أمام الجميع، وكان الجميع قد تلاشى، وإذا تجرأنا وسألناها ما الذي فعلتيه أيتها المجنونة؟! ترد عليه بكل عفوية: "عفوًا، فأنا وبمنتهَ الصدق لم ألحظ وجودكم". كان يقودهما الحب دون اكتراث لرد فعل مجتمعنا، الذي لا يغفر أي شئ مهما كانت نية المخطئ، ورغم معابة باقِ الزملاء على تلك العلاقة التي تربط بين ذلك الفتى الأبيض اللون والفتاة السمراء، لم تتزعزع علاقتيما لحظةً واحدة. وكانت سميرة تلك الفتاة الجميلة الودودة، تذهب على الدوام طوال فترة تواجدها بجمهورية مصر العربية، في زيارات لبلدة الأستاذ يحيى؛ حيث كانت ترى حبيبها يحيى فُلًا وريحانًا؛ فتسقي جذوره حبًا، فلطالما أحبتها أسرته، فكل محبوب صادق لا يختلف أحد على حبه، وبات كل شئ في علاقتيهما مثاليًا ورديًا . وكان الوقت بينهما في كل مرة يتقابلا معًا، متسعًا للتخطيط لحياتيهما بعد التخرج، فقد خططا للزواج وبناء أسرة مثالية، خططا كيف سيكون منزليهما، حتى أسماء أبنائهما قد اختاراها معًا، كل شئ اختير بينهما بعناية وحب بالغين، وعاشا كل كلمة في حديثيهما وصدقاها؛ حتى القدر صدق فقد أنصت إليهما جيدًا، واكتفى بما قد عاشاه في الحديث فحسب . # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # #
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD